القضية الفلسطينية

تحية من فلسطين للشباب والشابات في ميدان التحرير في مصر .. بقلم عباس الجمعة

اكد الشعب الفلسطيني في رسالة أكثر من واضحة انه شعب يعشق الحرية،وما المظاهرات التي انطلقت في رام الله وبيت لحم الا رسالة تضامن مع الشباب والشابات في ميدان التحرير الداعين إلى التغيير، وأيضا مع الشعب التونسي الذي خلع عنه الاستبداد ..

أن المتظاهرين رفعوا شعار "الشعب يريد إنهاء الانقسام" في رسالة واضحة إلى القوى السياسية الفلسطينية بضرورة تحقيق الوحدة ضمن الأطر الديمقراطية، لمواجهة الاحتلال الذي يمثل الطغيان الأكبر في وجه حرية شعبنا. 

وامام ذلك فاصبح الشعب الفلسطيني اليوم يطالب برؤية واضحة لعلاقة الوطني بالقومي باعتبار أن الصراع وطبيعته هو صراعاً عربياً صهيونياً بالأساس، وهذا بدوره يستلزم ضرورة امتلاك رؤية شاملة للصراع، بما أنه صراع تاريخي شامل ووجودي، يطال كافة المستويات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية، والعلمية، والثقافية، عربياً وفلسطينياً. 

ان انتقال اسم ميدان التحرير بسرعة وكثافة بين الناس خلال الأيام الماضية، وربما كان أكثر مكان تكرر لفظه منذ مطلع العالم الجديد، وأصبح يعرفه الكبار والصغار على الأقل في العالم العربي. سيكون حتما رمزا عزيزا في الذاكرة المصرية يرتبط بالألم والتضحيات ودماء من ضحوا في سبيل الحرية القادمة، ولكن الأعز من ذلك أن هذا المكان سيبقى بؤرة للإلهام تمد ملايين الناس العاديين طاقة وثراء عاطفيا ومعرفيا نحو الخلاص والتضحية. 

ان الشعب المصري شعب عظيم مؤمنا بالحلم وتجاوز الذات، وكم يتوق دوماً إلى جعل بلاده حكاية تروى من الصغار والكبار،الحلم المصري الذي انطلق من ميدان التحرير سيروي حكايات أخرى عن الحلم العظيم الذي تجسد بعيداً عن أمراض الثوريين المتقاعدين من الثورة والحياة، وبعيدا عن الأيديولوجيات الهشة والمتعبة. 

ان ميدان التحرير والشوارع العشرة التي تصب فيه، قصص سيرويها هؤلاء الشباب عن ليالي البرد القاسية، عن الأرض والإسفلت المتيبس الذي لف الاجساد في تلك الليالي، عن الأصوات الهادرة والأفكار المبدعة التي صاغت عشرات الحلول من أجل الصمود والاستمرار،كيف قام هؤلاء الشباب منذ الأيام الاولى بتقسيم الميدان الواسع إلى مربعات كل منها له اسم ورقم حتى يتمكنوا من الحركة والتنظيم داخل هذا السيل البشري الضخم، كيف اخترع هؤلاء الشباب وسائل وحلولا للاتصال والتواصل فيما بينهم بعد أن أغلقت السلطات كل المنافذ، وكيف طوروا حلولا لوجستية لمدهم بالماء والأكل وكل ما يحتاجونه. 

أن الهبة الجماهيرية الشعبية التي يقودها الشباب المصري المثقف، وجميع طوائف الشعب وطبقاته الاجتماعية في كل من مصر وتونس، عامل دعم أساسي لقضيتنا الفلسطينية، وخطوة أولى على طريق وحدة النضال العربي المشترك ضد الصهيونية والامبريالية والتحرر من التبعية. 

اننا نشهد عصرا جديدا ينفتح على مصراعيه في منطقة الشرق الاوسط برمتها، عصر فشل استحواذ الثروة واحتكارها من قبل عالم محدود من اصحاب المال بالتزاوج مع اصحاب السلطة السياسية، ولكنه ايضا عصر فشل سياسات ووصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واللبرالية الجديدة، وعصر فشل سياسات الولايات المتحدة التي غطت على الدوام حالة التعسف والافقار والتخلف وتراجع المكانة الاستراتيجية للدول العربية لصالح تعزيز مكانة اسرائيل ومصالحها، ولصالح رهن ارادة الدول العربية ومقدراتها بحسابات السياسة الامريكية وتواطؤها المتواصل مع اسرائيل،انه فشل سياسة الاعتماد على الولايات المتحدة بحجة امتلاكها لكل اوراق اللعب، وهو الفشل الذي يكشف زيف محاولات الادارة الامريكية لركوب موجة هذه التغييرات بادعاء حرصها على الديموقراطية، التي تعاملت معها على الدوام بمعايير مزدوجة كما تعاملت مع قرارات الشرعية الدولية. 

ان ادراكنا لروح التغيير التي طالما دعونا لها، فاننا ندعو إلى استخلاص العبر بما يضمن تعزيز نضالنا الوطني والديموقراطي والاجتماعي في فلسطين، وبما يضمن توسيع نطاق الارادة الشعبية وتقليص الفجوة المتزايدة بينها وبين النظام السياسي والحركة الوطنية، وتجاوز الجمود في واقع النظام السياسي والحراك الديموقراطي. 

لهذا على القوى والفصائل الفلسطينية أن تعي هذا الدرس، وأن تتداعى على الفور لكي تناقش الأفكار الكفيلة بالتمهيد الجدي لوحدتها واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ،وتكون كلمة الفصل للجماهير كخطوة ضرورية على طريق انهاء الانقسام، وتعزيز الوحدة الوطنية ، وفتح الأبواب مشرعة أمام استنهاض المشروع الوحدوي . 

وختاما : لا بد من التأكيد على موقف جبهة التحرير الفلسطينية الذي عبر عنه الامين العام الدكتور واصل ابو يوسف الذي حيا خيارات الشعب المصري وحراكه وتطلعه نحو تجسيد الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية السياسية ، وخاصة ان ما نتمناه لمصر التاريخ والحاضر والمستقبل والشهداء والأبطال والحاضنة وداعمة للنضال الوطني الفلسطيني الخروج من الأزمة الراهنة بسلام والذهاب نحو مستقبل أمن ومشرق لمصر وللأمة العربية, ومن هنا على الشعب المصري ان يكون حذر من مغبة اي تدخل في الشؤون الداخلية له وخاصة الدخول الأمريكي الفج على خط الأزمة المصرية عقد وأربك كل الحلول التي تلبي مطالب الشعب المصري وانتفاضته المباركة،ونحن على ثقة اكيدة بأن مصر ستجتاز هذه المرحلة حتى تأخذ دورها التاريخي والريادي في دعم حقوق شعبنا وقضيته الوطنية. 

رئيس تحرير صحيفة الوفاء الفلسطينية
عباس الجمعة

بواسطة
عباس الجمعة
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى