علوم وتقنيات

استنساخ الخلايا الجذعية الجنينية في ألمانيا

فيما يحتدم الجدل في أروقة البرلمان الألماني حول حظر أبحاث استنساخ الأجنة البشرية، سارعت الكنيسة الكاثوليكية إلى رفض هذه الأبحاث ويتفق معها في ذلك الحكومة وأغلبية الرأي العام. العلماء وحدهم يأملون في تخفيف هذا الحظر.

تسود في الأوساط العلمية الألمانية رغبة شديدة في تخليق خلايا جذعية جنينية للأغراض العلاجية، كون هذه الخلايا كما يقول العلماء، تمتلك على سبيل المثال القدرة على التكاثر بالانقسام اللانهائي والتحول إلى أي نوع من أنسجة الجسم. ويسمي العلماء هذا النوع من الخلايا "الخلايا القاعدية"، وهي الخلايا الأساسية التي ينشأ عنها جميع أنواع الخلايا بالجسم. ويرغب الأطباء في الاستفادة من هذه الخلايا في تعويض خلايا الأنسجة المدمرة في جسم المرضى. لكن تطبيقات هذه التقنية مازالت مثاراً للجدل من الناحيتين الدينية والأخلاقية، نظراً لأن ذلك يؤدي إلى تدمير الأجنة التي  استخرجت منها هذه الخلايا.

 

 وتخضع الأبحاث التي تستخدم هذا النوع من الخلايا في ألمانيا لشروط مشددة، حيث تحظى الأجنة بالحماية القانونية من اليوم الأول لتشكلها. وللخروج من هذه المعضلة، حاول علماء تحويل خلايا من جسم البالغين وبرمجتها لتقبل صفات الخلايا الجذعية للأجنة. وكان قد صدر قانونا في أبريل/ نيسان 2002، تم بموجبه تحريم استنساخ الأجنة البشرية وبالتالي منع استخدام الخلايا التي دخلت البلاد بعد تاريخ 1 يناير/كانون الثاني 2002. ويطالب الكثير من الباحثين في هذا المجال بإسقاط اشتراط هذا التاريخ بالنسبة للخلايا المجلوبة من الخارج.

البرلمان منقسم على نفسه والحكومة تجدد رفضها
موضوع أبحاث الخلايا الجذعية مطروح حاليا مجددا على طاولة البحث والنقاش في البرلمان الألماني (البوندستاج)، الذي يبحث مدى إمكانية تخفيف شروطها، ومن المقرر أن يتخذ البوندستاج قرارا بهذا الخصوص في مارس/ آذار القادم. ويسود حاليا نقاش وجدل كبير داخل أروقة البرلمان بين مؤيدي ومعارضي تخفيف القيود على أبحاث الخلايا الجذعية، حيث يبدو البرلمان الألماني منقسما على نفسه حول هذه القضية.

 

يذكر أن الحكومة الألمانية كانت قد جددت في منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي موقفها الرافض لاستخدام الاستنساخ في العلاج، حيث قالت المستشارة الألمانية على لسان المتحدث باسم حكومتها إنها ترفض بشكل صارم اللجوء للاستنساخ في العلاج و" أن أحدا لن يستطيع تغيير موقف الحكومة تجاه هذه القضية". وفي نفس السياق، أكدت وزيرة التعليم والبحث العلمي أنيته شافان موقف حكومتها قائلة إن مثل هذه التجارب "محظورة وستظل محظورة في ألمانيا وإن الاستنساخ لأغراض علاجية غير مقبول أخلاقيا".

 

الرأي العام مع الحظر والكنيسة تقول: "الحياة البشرية ليست إرثا استهلاكيا"
من جهة أخرى وفي نفس السياق،  أعلن مؤتمر الأساقفة الكاثوليك في ألمانيا تمسك كنيستهم برفضها لأبحاث الخلايا الجذعية الجنينية. وفي البيان الذي صدر عن مؤتمرهم ربع السنوي أمس الخميس 14 فبراير/شباط في مدينة فورتسبورج جنوب ألمانيا، أكد الأساقفة أن الكنيسة الكاثوليكية تبني رفضها لهذه الأبحاث انطلاقا من حقيقة أنها تودي بحياة أجنة وليس بالنظر إلى الأهداف العلاجية لهذه الأبحاث. وأشار البيان إلى أن الحياة البشرية ليست "إرثا استهلاكيا" وأنه لا يجوز أن يكون قتل الأجنة وسيلة وشرط للتوصل إلى علاج محتمل للآخرين. وحرص الأساقفة الكاثوليك في الوقت نفسه على التأكيد على أن رفضهم لهذه الأبحاث لا يجب أن ينظر إليه على أنه ضد التوصل إلى وسائل علاجية جديدة.

 

 

أما على المستوى الشعبي، فقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخرا أن 65.2 في المائة يؤيدون عدم السماح للعلماء بإجراء أبحاث على الخلايا الجذعية البشرية. في الوقت نفسه ركز 61 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع بأن تتركز أبحاث العلماء في هذا المجال على الخلايا الجذعية المأخوذة من البالغين. الاستطلاع، الذي أجراه معهد "إنفراتست" لقياس الرأي بتكليف من الرابطة الألمانية لحقوق الحياة وأعلنت نتائجه الشهر الماضي، أشار إلى تراجع نسبة المؤيدين لإجراء الأبحاث على الخلايا الجذعية البشرية سواء المأخوذة من أجنه أو من بالغين من 32.9 إلى 29.9 في المائة.

 

 

المصدر
DW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى