تحقيقات

ما هي فرص الحياة أمام دولة مستقلة في كوسوفو؟

تحقيق منقول عن هيئة الإذاعة الالمانية
من المتوقع أن يعلن إقليم كوسوفو استقلاله عن صربيا يوم الأحد 17 شباط/ فبراير الجاري. لكن الخبراء منقسمون حول فرص الحياة أمام دولة مستقلة في الإقليم، لاسيما في ظل تفشي المشاكل الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والأمية.
"حتى يوم الأحد سيتحقق كل ما نريد"، يكثر في الوقت الراهن اقتباس مثل هذه العبارات عن ساسة إقليم كوسوفو. فالتوقعات تشير إلى أن يوم الأحد القادم 17 شباط/ فبراير سيشهد إعلان الإقليم لانفصاله عن صربيا. لكن تبقى فرص الإقليم في الاستقلال الاقتصادي من القضايا الغامضة حتى الآن، فمنذ الحرب الباردة والاقليم يعاني من الفقر حيث كان يسمى بـ"بيت فقراء يوغسلافيا".

فقر مدقع
وما يزال الإقليم يعد احد أكثر مناطق أوروبا فقراً، ففي عام 2005 بلغ متوسط دخل الفرد 1243 يورو سنويا، كما أفادت تقارير البنك الدولي آنذاك. كما أن 37 بالمائة من سكان الإقليم يعيشون تحت خط الفقر ولا يبلغ دخلهم اليومي أكثر من 1.42 يورو للفرد الواحد. وينتشر الفقر بشكل خاص بين الأطفال والمسنين والعائلات، التي فقدت معيلها، وبين المعاقين جسدياً والعاطلين عن العمل وسكان المدن الصغيرة والأقليات التي لا تنحدر من أصول صربية. من جهة أخرى ترتفع نسبة الأميين في الإقليم بشكل كبير، لتصل إلى 25 بالمائة، كما تفيد تقديرات مركز التعليم في كوسوفو، لأنه لا توجد بيانات موثوقة عن مستوى التعليم في الإقليم حتى الآن.

وقبيل الإعلان المرتقب عن انفصال إقليم كوسوفو عن صربيا، تدفع هذه الحقائق عن الوضع الاقتصادي هناك للتساؤل عن فرص بقائه اقتصادياً. عن هذه الإشكالية علقت روث ويدجوود، أستاذة الدبلوماسية والقانون الدولي في جامعة جون هوبكينس الأمريكية في تعليق لها نشرته صحيفة وول ستريت جورنال في عددها الصادر يوم السبت 9 شباط/ فبراير بالقول: "إن انفصاليي كوسوفو يتجاهلون الحقائق المتعلقة بالوضع الاقتصادي في الإقليم". وتضيف ويدجوود، التي لا تتفق مع الآراء المنادية باستقلال الإقليم: "يمتلك إقليم كوسوفو ثروات باطنية كالفحم الحجري والرصاص، إضافة الى الطاقات البشرية، ولكنه يقع في احد أطراف أوروبا التي تقل فيها حركة السياحة". أما من الناحية السياسية فترى ويدجوون أنه لا يوجد ثمة داع للاستقلال منذ أن ترك ميلوسيفيتش عن السلطة.

نظرة أكثر تفاؤلاً
ينظر فرانتس كابس، الذي عمل كمبعوث خاص للبنك الدولي في منطقة جنوب شرق أوروبا، إلى مستقبل إقليم كوسوفو بالكثير من التفاؤل. فهو يراهن على المنفعة الاقتصادية من إنتاج التيار الكهربائي من الفحم الحجري الموجود في إقليم كوسوفو بكميات كبيرة تقدر بـ15 مليار طن. وقدر البنك الدولي أن منطقة جنوب شرق أوروبا ستكون بحاجة إلى المزيد من الطاقة الكهربائية بحلول عام 2012، وتصل تقديرات البنك بهذا الخصوص إلى 4.5 غيغا واط. ولكن المحطات تعاني من الإهمال الشديد، الأمر الذي يدفع السلطات هناك للبحث عن مستثمرين. عن هذا يقول كابس: "إن نجح ذلك، فسيكون إقليم كوسوفو أحد الدول المصدر للطاقة الكهربائية"، ولكنه يرى في الوقت نفسه أن الاستقرار السياسي والقانوني هو أهم شرط للتمهيد لحصول أي تقدم: "إن أهم عنصر للاستقرار هو أن يتم قبول كل من كوسوفو وصربيا في الاتحاد الأوروبي".

وحتى ذلك الحين سيبقى سكان كوسوفو معتمدين على المساعدات الخارجية، فوفق احدث التقديرات يرسل الكوسوفيون المقيمين في الخارج قرابة 450 مليون يورو سنوياً إلى ذويهم في الإقليم.

من يوغسلافيا إلى الاتحاد الأوروبي
من ناحيته يرى كارل كاسير، أستاذ تاريخ منطقة جنوب شرق أوروبا في جامعة غراتس، إن من المستحيل استمرار تبعية كوسوفو لصربيا، فنسبة كبيرة من سكان الإقليم تريد الاستقلال، كما لا يتوقع أن تقوم بلغراد بمد يد العون في الوقت الحالي. ويعلل كاسير ذلك بالقول: "إن صربيا نفسها تعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية ولا يمكنها أن تقوم باستثمارات في كوسوفو". ويرى كاسير أن من المهم الآن أن يُقبل الإقليم في الاتحاد الأوروبي، كي تنصرف الحكومة إلى تثبيت الأوضاع السياسية والاقتصادية فيه. فحتى الاستفادة من ثروات الفحم الحجري في الإقليم من قبل المستثمرين الأجانب تحتاج إلى أرضية قانونية واضحة.

المصدر
DW

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى