صدى الناس

عندما يصبح الفن لعبة بيد رعاة الغنم والماعز وعمال الدواجن فسلام لهذا الفن ولرسالته

جلست في أحد الأيام مع جوقة من الفنانين والكتاب , البعض منهم عمل على خشبة المسرح قدم لها وضحى من أجلها , والبعض الأخر كتب مؤلفات وقصص وروايات , لكن ما جمعهم عشقهم للمسرح ..
تناولت الجلسة الكثير من المفردات … ماذا يمكن أن نقدمه لهذه الخشبة المقدسة , كيف يمكن أن نوصل رسالة الفن السامي للشعب … بحثنا عن نص مسرحي يليق عرضه في حلب وعن مفردات وأهداف كثيرة … هل يمكن أن يكون توجهنا لمخالفات البناء … هل يمكن أن تكون مشاهدنا حول دوائرنا الاقتصادية ومؤسساتها .. أم أننا يجب أن نبحث في البناء لكن من نوع أخر ..

البناء ليس فقط في الجانب التحتي أو الاقتصادي بل ثمة توجه أخرى لحالات البناء تكمن في بناء الإنسان , هذا الإنسان الذي يعتبر من أهم عناصر الحياة الأساسية والتي أكد عليها القائد الخالد حافظ الأسد في العديد من خطاباته وكلماته ..

المهم في الأمر الوصول لصيغة هادفة نستطيع من خلالها معالجة قضايا المجتمع , خاصة أن العديد من الدراسات والأبحاث العالمية أكدت أن للمسرح دور كبير في تعزيز بناء الإنسان وتفوقه على باقي عناصر البناء , لم يكن هابطاً ذلك الذي قال " أعطني مسرح أعطيك شعب " لكن علينا أن نبحث كثيراً عن خليفة هذه المقولة لنتأكد من أنها صالحة لأن تكون مواكبة لعصرنا هذا ..

القضية ليس قضية البحث عن نص أو هدف , وإنما قضية رسالة شرف وكرامة , هذه القضية التي يحاول أعداء النجاح كما وصفهم الفنان " همام حوت " بأن ينقضوا على رسالة الفن , فهؤلاء هم القضية الأساسية في حوارنا , حيث ما يعبث برسالة الفن هم أولئك المتورطون بالفن الذين لا يفقهون منهم سوء الفائدة المادية " Business to Business " , حينما دخلت في دراسة هذه الشخصيات وخلفياتها تأكدت تماماً أن من يصل إلى قيادة النشاط الفني في معظم جوانب لم يهدف من الوصول , تطوير العمل وتقديم أفكار جديدة تخدم خشبة المسرح التي حاربها عظماء قادة العالم لأنهم أيقن بأن للمسرح دور كبير في يقظة الشعوب ..

حينما فكرت طويلاً بهذه الشخصيات , لاحظت وجود الغاية من وراء هذه القيادة , فالسؤال الذين كان يحيروني … كيف يترك شخص ما مزرعته وأبقاره ودواجنه ويدخل في " معركة الانتخابات " ليصبح بعدها مسؤولاً في مكاتب الأنشطة الفنية ويقود خشبة المسرح والفن والموسيقى ويقيم حفلات للداعرات وسط أفكار الشباب ..

قد يقول البعض بأنني أستهدف شخص ما في حديثي , والأخر يقول أستهدف صفة اعتبارية بذاتها , والأخر يؤكد بالأدلة بأنني أتحدث عن مؤسسة معينة , لكنني أقول بأنني لأقصد من وراء هذه الكلمات الملغومة صفة أو شخص بعينه , لكننا يجب أن ننظر في عيوننا وندقق بعقولنا لنرى أن هناك من استغل وجوده لأغراض تنافي القيم والأخلاق والفن ..

رسالة الفن واضحة وترفض المساومات , وترفض أن يؤجر مسرح لعمل قومي , وترفض أن يباع نص كتب من أجل المقاومة , وترفض هذه الرسالة السامية أن يستخدم مسؤول فني معين منصبه بالضغط على فنانين وكتاب هواة لكي يستفيد منهم بأغراض شخصية كثيرة ..

لو دققنا في الساحة الفنية على المستوى الوطني وخاصة في أكثر الشرائح حساسية , لدى أوساط الشباب لو جدنا الأمراض العضال , مسارح تؤجر بدون صيغ قانونية , موافقة على نص مسرحي دس في قلبه السم ليعطى جرعة واحدة للشباب , دعارة وتهريج دون رقابة , أموال وفنانات تتربص فوق مكاتب المسؤولين عن هذه الأنشطة , تجد في كثير من الأحيان بأن موافقة نص معين مرهونة برضا المسؤول الذي سيمنح الموافقة على مشاركة إحدى الفنانات , هل يمكن أن تصبح صديقته ؟ هل يمكن أن تغريه ؟ إن لم تكن فعلى عاتق مدير فريق العمل سواء كانت حفلة أو مسرحية أن يرضي هذا المسؤول الذي اتخذ من كرسيه مقعداً للتفاوض والمساومات على شرف الرسالة الفنية السامية ..

لم أبالغ بما أصف من كلمات .. ولكن حينما ترغب بالتأكد فما عليك سواء أن أعطيك أحد النصوص الهادفة , ولدى مراجعتك لبعض هؤلاء المتسلطين ستلقى النتيجة ..

البعض سألني كيف عرضت مسرحية " س " والتي يخرجها " ع " حيث تعرض أفكار وسموم تدمي أفكار الشباب وتخرب عقولهم , تحمل بين مشاهدها دعارة مرئية لا تحتاج لرؤية إخراجية , وأحياناً التهريج يكون أساس العمل , وأحياناً نلاحظ بأن عمل معين رفض بحجة أنه لا يلبي واقع المرحلة الراهنة …

حينما تقصيت الحقيقة عن أسباب عرض بعض المسرحيات الجنسية والخلاعية والتهريجية في مسارح متزنة وصلتني الحقيقة التي أصدمتني أفجعتني , شعرت حينها كيف تباع الرسالة الفنية وبكم تسعيرتها , أدركت حينها من يبع ويشتري فيها , لن أغامر كثيراً في الحديث , فأخاف على جرأتي في الحديث بأن أنساق لفضح الكثير والكثير عن صفقات الندالة وحفلات الداعرات التي تقام في بيوت أصحاب الموافقات , لأريد تفجير فضائح المتسلطين , لكنني أريد إنقاذ رسالتنا الفنية السامية من مهب الريح , لأننا حينما نضيع شرف رسالة الفن , فقد أضعنا هوية هذا البلد ونضاله الطويل ..

بواسطة
أحمد دهان / رئيس التحرير

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. هؤلاء لأسف المتورطون بالفن يجب ان يحاسبوا هم ومسؤولين عليهم بما يقوموا ويقدموا من افكار تضر المجتمع والشباب بشكل خاص استاذ احمد نتمنى من كل قلبنا ان تصل الرسالة التي تتبناها انت وكل شريف مثلك للحد من هذه الظاهرة البشعة التي تتحدث عنها انت .

  2. الفن هو احد اسس وقيم الانسان التي تبنى افكاره عليه , فدائما كان الفن للتعبير عن احاسيسنا ومشاعرنا اتجاه الامه والعالم فالفن بحد ذاته عالم اخر يفصلنا عن عالمنا ويأخذنا بعيدا ويسافر بنا ليوصلنا الى نبض المحبه والروابط الانسانيه وطبعا بشرط اذا ما تم استغلاله بالشكل الصائب والصحيح ….

    للأسف ما يحصل الان عكس ذلك تماما وهذا يؤدي الى الانحلال حيث يبدا كل انسان بتحقيق نزواته عن طريقه .

  3. صحيح ان مجتمعنا هو في تقدم مستمر وتطور ملحوظ فالتطور في جميع المجلات الحياتية هو عنوان لحضارة سامية ودليل على سمو المستوى الفكري لديه
    ولكن دايما هناك بعض الخطوط الحمراء والتي يجب الوقوف عندها دون تجاوزها
    لان التقدم والتطور يكون نحو الايجاب وليس نحو السلب
    فالمسرح ارقى انواع الفن (راي شخصي ) لذلك علينا تطوييره نحو الافضل وليس تدنيس خشبته الطاهرة بافعال شعنيعة ومشاهد خلاعية وشكرا

  4. منذ نشأت وانا اسمع ان الفن هو نتاج ابداع انساني وتعتبر لونا من الثقافة الإنسانية لأنها تعبير عن التعبيرية الذاتية للانسان ولكنني لم اسمع ابدا ان الفن اصبح عرضا على خشبات
    المسرح واشبه بعروض الازياء.
    تعلمت ان الفن الحقيقي هو المواد لتعبر عن فكره او لترجمة احاسيس البشريه.
    ومن التعريفات بالفن الملفتة للنظر هذا الذي يقول إن «الفن تعبير عن رؤيا» وليس تعبير عن الجسد.
    لىسف اختلفت الاحوال اليوم ليقع الفن بين ايدي اناس لا تفهم معنى الفن الحقيقي ليؤثرون ايضا على ابناء المجتمعات والاجيال القادمه.

زر الذهاب إلى الأعلى