جرائم وحوادث

في عملية تزوير كبيرة : محتالون ومزوّرون يحيون ميتاً ويستولون على أملاكه

يبدو أن الحديث عن الفساد لا ينتهي، ذلك أننا نسمع بين الآونة والأخرى عن حالات جديدة ومختلفة عمّا سبقه، وفي كل مرة يتخذ الفساد شكلاً جديداً قد تكون مختلفة تمام عن ما نسمعه ..

كتب خالد الوهب في مقالته التي نشرتها صحيفة النور بعددها رقم ( 432 ) تاريخ (21/4/2010) تحدث فيها عن الفساد الذي لا ينتهي ، والتي وصلت إلى غاياتهم بطرق غير مشروعة. وقد نشرت (النور) في هذه الصفحة عشرات المواد التي تناولت الكثير من أوجه الفساد، وأحياناً الاحتيال والنصب والتزوير، (وبالطبع فإن عمليات التزوير لا يمكن لها أن تتم إلا بالتعاون مع الفاسدين من موظفي الدولة والقائمين على منح ثبوتيات رسمية لتسيير المعاملات على اختلاف أنواعها) , ومهما كان دور هذه المواد في كشف بعض الحالات، كبيرة كانت أو صغيرة، فالشيء الكثير والأغرب لم يُكشف بعد ..

والغرابة في قصة اليوم أننا نتمنى أو نحلم أحياناً أن يعود إلى الحياة من غيّبه عنّا الموت من أحباء وأعزاء ، وبما أن عودة المتوفى إلى الحياة مستحيلة فقد تكون وراءها مصائب كبيرة كما حدث مع " جمال دوبا " الذي اكتشف أن أخيه محمد فوزي المتوفّى منذ ست سنوات مازال على قيد الحياة بموجب قيد النفوس المدني المؤرخ في 3/8/2009 مما أثار الشكوك في نفسه ودفعه لاكتشاف أغرب ، وهو أن أرض أخيه المتوفى ذات الرقم 228 من المنطقة العقارية الكسيبية (طريق حلب ـ دمشق) مساحتها نحو ثلاثة هكتارات قد بيعت وسُجّلت باسم مالك جديد دون علم أولاده وإخوته، وذلك بعد أن قام ابن المتوفى باستخراج بيان قيد عقاري لهذه الأرض ..

ولتأكده أن نقل الملكية مستحيل لأن المتوفى قد وكّل أخاً له غير مقيم في سورية ، فقد بدأ البحث وراء عملية النقل هذه، وبعد متابعة البحث واللجوء إلى القضاء بدأت أوراق عملية التزوير والاحتيال تتكشّف شيئاً فشيئاً ..

بعد أن تقدم " جمال دوبا " إلى القضاء من أجل استعادة ملكية أخيه المسروقة، تم القبض على (م.ق) موظف مديرية الشؤون المدنية بحلب ، الذي اعترف بأنه منح قيد نفوس مزوراً يثبت أن المتوفى " محمد فوزي دوبا " ما زال على قيد الحياة ، لأنه لم يشر فيه إلى أنه قد توفي عام 2003 لمسيّر المعاملات (م.ض) الذي قام بتسيير المعاملة العقارية ونقل ملكية العقار رقم 228 من اسم " محمد فوزي دوبا " إلى اسم (خ.ف) ..

والمثير للتساؤل هنا، أن مسيّر المعاملات لا يستطيع نقل الملكية بحصوله على قيد مدني مزوّر فقط، فلابد من وجود وثائق أخرى, وبالفعل فقد تم النقل بوساطة صك توكيل خاص برقم خاص 31 وعام 14159, وفي هذا التوكيل أناب محمد فوزي دوبا (ع.ع) ليقوم مقامه في بيع وفراغ وتسجيل تمام العقار 228 وطبعاً لدى الرجوع إلى سجلات الكاتب بالعدل تبيّن أن هذه الوكالة ليس لها أصل، وتبيّن أيضاً أن (خ.ح) هو من قام بتزويرها بالاشتراك مع (ع.ع). ثم قام الأخير بموجبها ببيع العقار إلى (خ.ف) بموجب عقد الفراغ رقم 3250 تاريخ 5/8/2009 حسب ما ورد في ضبط الشرطة رقم 381 تاريخ 29/12/2009 الذي نظمه فرع الأمن الجنائي ـ قسم التزييف ..

والمهم في هذه القضية أن الشرطة ألقت القبض على كل من موظف السجل المدني ومسيّر المعاملات الذي قام بتزوير الوكالة , لكن (ع.ع) الذي باع الأرض بموجب صك التوكيل المزوّر والشاري (خ.ف) الذي أكّد ضبط الشرطة المذكور أعلاه من خلال الاعترافات أنه على عِلم بعملية التزوير مازالا طليقَيْن حتى الآن ، ومازالت الأرض باسم المالك الجديد طبعاً بعد وضع إشارة حجز احتياطي عليها , ألا تستحق مثل هذه القضية جهوداً أكبر من رجال الشرطة للقبض على المتبقين من الزمرة المحتالة، خصوصاً بعد أن ثبتت عليهم فعلاً تهمة التزوير والاشتراك فيها ..

نتمنى أن يكون العمل على قدر أهمية هذه القضية كي يشعر المواطن بأن حقوقه لا يمكن أن تضيع في بلدنا الحبيب ، ما دام القانون والقائمون عليه ساهرين على راحته وأمنه ..

بواسطة
تيسير مخول
المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى