سياسية

قمة سرت انفضّت على عجل … وبلا زعل

عنونة العديد من الصحف العربية في صفحاتها الرئيسية ما توصلت إليه قمة سرت في ليبيا , فذهبت بعض الصحف لعنوان القضايا الخلافية ترحّل إلى اللجان وقمة استثنائية في الخريف ..

وماتوصلت إليه القمة من أبرز المطاليب " القـادة يطالبـون أوبامـا بالصمـود … ويرفضـون محـاورة إيـران " ..

حيث أسدلت القمة العربية العادية الثانية والعشرون في مدينة سرت الليبية , الستار على عناوين جوهرية مثل فلسطين وفك الحصار عن شعبها وقضيتها، ومسألة التفاوض مع الحكومة اليمينية الإسرائيلية ، وإيران والحوار معها، وهي عناوين جرى التغاضي عنها لمصلحة الحفاظ على مظاهر التضامن العربي، وتم الاتفاق على ان يرفع هذا الستار في موعد لاحق من هذا العام، يأمل الرؤساء والملوك العرب ان يكون مناسباً لمقاربة قضايا عربية جوهرية تخرج يوماً بعد يوم من سيطرة العالم العربي وحتى إدراكه، وإسهامه المفترض في مواجهتها ..

واختتمت القمة، التي حملت عنوان «دعم صمود القدس»، أعمالها بطريقة بدت «فجائية»، ليتبين لاحقاً أن الإخراج هو الذي عانى من مشكلة، لا القمة نفسها التي بذلت ليبيا جهداً استثنائياً لمنع توتيرها او اضطراب أعمالها, وقرر الزعماء العرب المشاركون في الجلسة المغلقة امس، الاستغناء عن الجلسة الختامية العلنية التي عادة ما تعقد في القمم العربية، والتي كان مقرراً لعدد من القادة أن يلقوا كلمات فيها, وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لـجريدة السفير اللبنانية ، رغبة المشاركين في القمة في إلغاء الجلسة العلنية، وتوزيع كلماتهم المطبوعة..

بدورها، أكدت مصادر عربية رفيعة المستوى للسفير هذا الأمر، مشيرة الى ان اختصار الجلسة الأخيرة، جاء بعد النقاش العام الذي جرى خلال الجلسة المغلقة، خصوصاً أن بعض القادة أعربوا عن رغبتهم في المغادرة مبكراً , وقد تم الاكتفاء بكلمة مقتضبة لموسى، استعرض فيها باختصار قرارات القمة، مؤكداً ان القادة العرب «تنازلوا جميعاً عن كلمتهم من اجل تخصيص الوقت للمناقشات». وما ان أنهى كلمته، حتى قال الرئيس الليبي معمر القذافي «يُعزف نشيد ألله أكبر وتُرفع الجلسة»، قبل ان يغادر مسرعاً ..

وكان اليوم الأول من القمة مر بيسر في سرت. واختصر القذافي قدر المستطاع من رغبته في الخروج عن المألوف، كما قلص وقت الكلمات العلنية بأن نقل بعضها لليوم التالي، ربما تخوفاً من تقلص عدد المشاركات الرئيسية بعد جلسة الافتتاح كما يجري في كل قمة عربية. وشارك في القمة، إضافة إلى القذافي، 13 من القادة العرب، بينما غاب عنها خصوصاً الملك السعودي عبد الله والرئيسان اللبناني ميشال سليمان والمصري حسني مبارك ..

ومرت غالبية الاجتماعات بسلاسة وبرغبات طموحة عبّر عنها كل من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بدعوته لروابط قومية عربية إقليمية، وعربية أفريقية، إضافة الى دعوة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لاتحاد عربي على غرار الاتحاد الأوروبي , وقد ركز اجتماع الجلسة المغلقة، أمس الأول بين القادة، على هذين الموضوعين، حيث أقر موضوع إقامة روابط إقليمية مع تركيا، وبقي موضوع الحوار مع إيران مرفوضاً ..

الرئيس الأسد : الخلاف سببه التعامل .. لا القضايا 

وعلى هاشم أعمال القمة في يومها الثاني، قال الرئيس السوري بشار الأسد إن «من يقيم القمة العربية هو المواطن العربي وليس نحن، لأننا جزء من القمة، وإن سوريا تقدمت بمبادرة إلى القمة لإدارة الخلافات العربية – العربية، وآلية لعقد القمة، وطرح المبادرات قبل انعقاد القمة بفترة كافية لضمان نجاحها»، مشيراً إلى أن «الكثير من الخلافات سببها طريقة تعاملنا مع القمة، وليس مع القضايا ذاتها». وأضاف «في هذه القمة، لم تكن هناك عودة للوراء، وفي العام الماضي تحققت أشياء كثيرة في العلاقات العربية – العربية، ولن تظهر نتائجها الآن. ربما لاحقاً» ..

وعن تحفظ سوريا على بيان لجنة مبادرة السلام العربية حول تفويض السلطة الفلسطينية العودة الى التفاوض مع إسرائيل، قال الأسد «بالنسبة لما حصل في القاهرة، إن موقفنا واضح والموضوع ليس من صلاحيات لجنة مبادرة السلام العربية، هذا أولاً. وثانياً، إذا كان هناك طرف يريد أن يتحرك في عملية السلام، فعليه أن يتحرك بقرار ذاتي ويتحمل مسؤولية النجاح أو الفشل، وهذا هو موقفنا بشكل واضح». 

وتحدث الرئيس السوري عن الدعوة لزيارة مصر، فأكد أنه «لا يوجد دعوات بين العرب»، مشيراً إلى أنه «لو جاء (الرئيس المصري حسني) مبارك إلى ليبيا لكانت هناك فكرة للقاء، لكنه لم يحضر لدواع صحية» ورحب وزير الخارجية المصرية احمد أبو الغيط بما نسب للأسد عن أن «المشكلة مع مصر يجب أن تحل»، وأنهم «إذا أرادوا» يمكنه زيارة القاهرة , وقال إن «هذا أمر طيب ونرحب به إذا كانت هناك رغبة من الرئيس الأسد، فهو رئيس عربي شقيق لدولة ارتبطت بأحسن العلاقات على مدى سنوات مع مصر، وأثق أن القيادة المصرية سترحب بذلك» ..

من جهتها، أكدت مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، ان اتفاقاً حصل في الاجتماع المغلق للقادة العرب، على دعم المقاومة ورفض التطبيع، مشيرة إلى أن إجراءات تهويد القدس هي التي «أشعلت الفتيل» في هذا السياق ..

وأضافت شعبان، التي شاركت في اجتماعات الجلسة المغلقة الثانية التي ضمت الرؤساء العرب صباح امس، ان الجلسة المخصصة لمناقشة موضوع القدس «استغرقت نقاشاً مطولاً وحيوياً»، مشيرة الى أن القذافي بدأ «باستعراض ما تقوم به إسرائيل من تهويد للقدس ومن استيلاء على المقدسات وتهجير للشعب الفلسطيني وقتل يومي ودمار. وسأل: ما الذي يمكن أن نفعله في وجه هذه التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي لا يملك حتى إمكانية الدفاع عن نفسه؟ «. وتابعت شعبان ان الأسد بدأ حينها الحديث، قائلاً إن «الحد الأدنى هو أن نقطع العلاقات بالنسبة للدول التي لها علاقة مع إسرائيل، والحد الأعلى هو أن ندعم المقاومة». وأوضحت ان «القادة العرب، وبينهم، أمير الكويت وأمير قطر وعدد من القادة، يدعمون هذا التوجه وهذا الرأي»، مشيرة الى أن النقاش «كان جدياً ومسؤولاً وآخذ بالاعتبار ما تنتظر الجماهير العربية من القادة العرب»، وأنه «انتهى إلى التوصل للاتفاق لدعم المقاومة بكل أشكالها في فلسطين ولبنان وسوريا، ووقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل» ..

وكانت لجنة المبادرة خرجت بقرار يقول إن «الوقف الكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية ضروري لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية». لكن القمة لم تتبن هذا القرار. وفي علامة على غياب التوافق بين الدول، قال وزير الخارجية السورية وليد المعلم إن بلاده لن تعترف بتعبير الوثيقة عن وجهة نظر الجامعة العربية ..

وأخذ المعلم لنفسه مسافة من بيان لجنة المبادرة العربية الذي أصدرته اللجنة بعد اجتماعها مساء الجمعة الماضي، حين بادر الوفد الفلسطيني لطلب عودة اللجنة الى بيانها الصادر في الثالث من شهر آذار الحالي، وينص على «تفويض» السلطة بخوض مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لأربعة أشهر اختباراً لنياتها. وكرر الموقف ذاته الذي تم اتخاذه في القاهرة حينها بالقول إن سوريا «ليست طرفاً في قرار اللجنة وبالتالي لا علاقة بالبيان الصادر» ..

المعلم لصحيفة السفير : القمة كانت إيجابية خصوصاً فيما يتعلق بموضوع القدس والعمل العربي المشترك ..

وسألت «السفير» المعلم حول ما إذا كان جرى تغير يستدعي الطلب الفلسطيني الحالي، فقال «لا أريد أن أحكم على النيات وأوضحت أن موقف سوريا من هذا الموضوع الذي كان من البداية هو الموقف الصحيح». وتابع انه «في الثالث من آذار لم يكن هناك موضوع القدس وعبرنا عن موقفنا الآن وتبين صحته بعد قرار (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو بناء الوحدات الاستيطانية الجديدة». 

ونفى الوزير السوري أن تكون نوقشت خلال القمة «استعدادات للحرب» أو موضوع «سحب» المبادرة العربية , وسألت «السفير» المعلم عن تقييمه لعمل القمة حتى اليوم الثاني منها، فقال إنها «إيجابية خصوصاً في ما يتعلق بموضوع القدس والعمل العربي المشترك» ..

وعن المبادرة اليمنية لـ»إصلاح النظام العربي»، أكد أنه بالفعل تم الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية يمنية ليبية قطرية على مستوى القمة لمتابعة بحث هذا الموضوع. وفي هذا السياق، علمت «السفير» انه تقرر أن يقوم موسى بوضع خطة وآلية استناداً لعمل هذه اللجنة تقدم لدراستها مع بقية الأطراف العربية، بحيث يتم الاتفاق عليها لتطرح على قمة عربية استثنائية لمناقشتها وإقرارها. 

وأكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، «عدم وجود خلاف بشأن مقترح موسى بإقامة رابطة للجوار العربي.. وقطر تؤيدها ولا بد لكل الدول العربية أن تتوافق عليها وهذه الفكرة الآن طور البحث بين الدول العربية». وحول الموقف الإيراني من بعض الدول العربية، أوضح ان «هذه الأمور ستبقى موجودة مع دول الجوار، ولكن من المهم جداً كيف نتفاعل معهم وكيف نقول لهم هذا عندكم حق فيه، وهذا لا»، علماً أن وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل قال إنه لا يعتقد أن الوقت قد حان ليرى العرب أن إيران غيرت موقفها تجاه الدول العربية. 

وكان موسى أقر بالحاجة الملحة إلى اتخاذ قرار جماعي بشأن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية، موضحاً انه «يوجد اتفاق حول عقد اجتماع للجنة متابعة المبادرة خلال الأسابيع المقبلة لاتخاذ التوصيات اللازمة، سواء بالاستمرار او بتغيير المسار». وأكد استمرار التمسك العربي في المرحلة الراهنة بمبادرة السلام، مضيفاً إن «الشيء الوحيد الذي يمكن تطويره او سحبه او عدم التمسك به هو موضوع الدولتين». 

وفي البيان الختامي الذي حمل عنوان «إعلان سرت»، اكد القادة المجتمعون «الالتزام بالموقف العربي بأن استئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية يتطلب قيام اسرائيل بتنفيذ التزامها القانوني بالوقف الكامل للاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ورفض كافة الذرائع والتبريرات الاسرائيلية تحت اي مسمى للاستمرار في نشاطها الاستيطاني غير المشروع». كما أعادوا التأكيد «على ضرورة الالتزام بسقف زمني محدد لهذه المفاوضات وان تستأنف من حيث توقفت وعلى أساس المرجعيات المتفق عليها لعملية السلام». 

ودعت «قمة دعم صمود القدس»، الرئيس الاميركي باراك اوباما الى «التمسك بموقفه المبدئي والأساسي» الداعي الى وقف الاستيطان. كما أكدت «أهمية الدور الذي تقوم به لجنة مبادرة السلام العربية وأهمية استمرار جهودها برئاسة دولة قطر». 

من جهة اخرى، قرر القادة العرب «عقد قمة استثنائية في موعد غايته تشرين الاول المقبل» لمناقشة الاقتراح اليمني بإقامة اتحاد الدول العربية ورؤية القذافي. واتفقوا على تشكيل لجنة خماسية تضم قادة ليبيا واليمن ومصر وقطر والعراق للإشراف على إعداد «وثيقة منظومة العمل العربي المشترك» لعرضها خلال هذه القمة. وقرروا كذلك مناقشة مشروع إنشاء رابطة الجوار العربي الذي اقترحه موسى كذلك خلال هذه القمة الاستثنائية.

المصدر
زهرة سورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى