تحقيقات

حتى لا نقع في أزمة الطلاق العاطفي

أحبّا بعضهما .. و رسماً معاً طريق المستقبل المفروش بالورد .. تزوجاً وعاشاً تحت سقف واحد يربطهما رباط مقدّس ..

في البداية اتفقا في كل شيء .. ولكن مع مرور الأيام بدأت حقيقة كل منهما تظهر ونار الخلافات تتأجج .. أصيبا بالإحباط وكثرت المشاحنات والجدال بينهما يوماً بعد الآخر .. ثم .. فضّلا أن يتخذوا من الصمت حلاً .. يريَا بعضهما كل يوم ولكن لا يشعرا ببعضهما .. لم يعد كلّ منهما يرى بريق اللهفة في عينيّ نصفه الآخر .. لقد فضّلا الصمت وإلى الأبد .. راق لهما هذا الحل لأنهما ببساطة ارتاحا من جو المشاحنات اليومي ومسلسل المعارك الذي لا يسجل في نهايته أي انتصار لكلا الطرفين .. أضحى يجمعهما بيت بارد يشعر كلّ منهم في داخله بالاختناق .. لم يدركا أنّ منزلهما يعاني من أزمة الطلاق العاطفي الذي يعاني منه الكثير من الأزواج في أيامنا .. والذي أصبح يأخذنا بتياراته العاتية إلى طرق مجهولة وربّما إلى الهاوية ..

زهرة سورية .. ومن خلال الأسئلة التي طرحتها استطاعت أن تملأ جعبتها ببعض الحالات التي تتحدث عن هذا الموضوع ومن بينها .. 

حالة السيدة " أم كريم " التي لم تتردد في طرح مشكلتها خلال لقائنا معها حيث قالت .. 

أنا أعيش مع زوجي في منزل واحد , إلا أنّ شروخاً يصعب إصلاحها تعتري علاقتنا رغم سنوات الارتباط .. وأضافت قائلة : أتحمّل المعاناة من أجل أولادي فهم السبب الوحيد الذي يربطني بزوجي ..
كما أنها شبّهت الطلاق العاطفي بالمرض المزمن والطويل , وأشارت .. 

قد يكون الطلاق الشرعي رغم خطورته أسهل عليّ من أن نعيش كزوجين تحت سقف واحد وحياتنا الزوجية ميتة وهي عرفاً على قيد الحياة ..

وبلهجة صارمة يقول زوجها " أبو كريم " .. 

لولا وجود أولادي لتخلّصت من حياتي ومن زوجتي التي لم تعد تفهمني ولا تحترم وجودي ..

حول هذه المشكلة وبعد سماع قصة " أم كريم " كانت لنا هذه اللقاءات ..

جمال ( سنة ثالثة – حقوق ) قال .. 

إن الطلاق العاطفي مشكلة نعاني منها في مجتمعنا ، فكم هو صعب أن يعيش الزوجان منفردين عن بعضهما البعض ولكلّ منهما عالمه الخاص البعيد عن الطرف الآخر رغم وجودهما في منزل واحد ..

وأضافت ريما( سنة رابعة – إرشاد نفسي ) قائلة .. 

يرتبط الطلاق العاطفي بطبيعة العلاقة العاطفية بين الزوجين تحديداً ، وهو غير ظاهر للعيان ، كما يؤثر سلباً على الأطفال إذ يحرمهم من البيت الطبيعي المترع بالدفء والحب والحنان ..

وعن آثار هذه المشكلة تحدث السيد صفوان ( موظف ) قائلاً .. 

لو فكرنا في الموضوع بقليل من العقلانية لوجدنا أن الأبناء هم الضحية الأكبر في هذه القضية، ففي مثل هذه البيوت المكسورة يظل الأبناء يعانون داخلها دون أن يشعر أحد بمعاناتهم ، وبعد فترة نجدهم قد بدؤوا يبحثون عن السعادة خارج المنزل وهنا تكمن خطورة الموضوع ..

أسباب عديدة أدّّت إلى ظهور مشكلة الطلاق العاطفي .. 

عند لقائنا مع السيد عادل ( مرشد نفسي وتربوي ) تبيّن لنا أن هناك مجموعة من الأسباب لم تكن متوقّعة قبل الزواج تؤدي إلى مشكلة الطلاق العاطفي ، لخّصها لنا بقوله ..
لكل مشكلة سبب أو مجموعة أسباب ومن أهم أسباب الطلاق العاطفي تتجسّد في ثلاثة أنواع ألا وهي الحيوية كالعقم والعجز الجنسي أو عدم التكافؤ الجنسي ، وأسباب نفسية كالصدمات المؤلمة والمخاوف السابقة وعدم نضج الشخصية وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ، والنوع الثالث هو الأسباب البيئية من أهمها سيطرة العادات والتقاليد والمشاكل الاقتصادية ومشاكل العمل والانحراف الأخلاقي ، بالإضافة إلى مشاكل الحياة اليومية والاختلاف الثقافي الكبير بين الشريكين .. 

كما أيدته السيدة رغدة فاضل ( باحثة اجتماعية ) وأضافت قائلة .. 

هناك أسباب أخرى لهذه المشكلة من أهمها عدم القناعة بالشكل ، فكثيرون يتفلسفون حول الشكل ويدعون إلى عدم إعارته الاهتمام وهذا في اعتقادي غير صحيح فمن المؤكد أن الروح والأخلاق مقاييس هامة ولكن هذا لا يعني أن نقلل من أهمية الشكل .. هذا بالإضافة إلى اختلاف الأعمار كأن يتزوج صاحب الأربعين عاماً من ابنة العشرين أو العكس ..

الطلاق العاطفي مشكلة .. فهل من حل لها .. ؟؟ 

هو السؤال الذي طرحه علينا الكثير ممن التقينا بهم فآثرنا توجيهه للبعض وكان منهم الأستاذ " محمد.غ " ( محامي ) حيث أجاب .. 

ما يؤسفني أن العديد ممن يعانون من هذه المشكلة يقومون بإيجاد الحلول الغير منطقية لها كالهروب من النقاش وتفضيل الصمت على المواجهة ، أو اختيار بدائل أخرى قد تساعدهم في الشعور بالسعادة الوهمية أو المؤقتة مثل الخروج المفرط من المنزل أو التدخين أو الشرب أو الخيانة .. وبرأيي يجب التفكير بعقلانية أكثر وقيام أحد الطرفين بالمبادرة لإيجاد الحل المناسب .. 

كما زوّدنا السيد " م.أ " ( أحد رجال الدين المسيحيين ) برأيه حيث تفضّل قائلاً .. 

تفضل غالبية النساء الاستمرار في الزواج شكلياً وعدم إنهاء العزلة الزوجية , لخوفهن من عواقب الطلاق الفعلي – خاصة في الدين المسيحي – الذي لا نلجأ له إلا في حالات نادرة جداً مثلاً عند إقدام الزوج على الزواج من امرأة أخرى.. وأرى أنه من أجل التغيير لا بدّ أن ننطلق من نقطة التغيير الحقيقية ، أي ليبدأ كلّ منهم بنفسه أولاً، ولا ينتظر المبادرة من الطرف الآخر ولا ينتظر النتائج الفورية بعد قيامه بالمحاولات الأولى ، ولا ينسى أنه من المستحيل أن يحصد الأرض بعد وضع البذور مباشرة ، بل لا بدّ من الانتظار والانتظار ..

و نحن ماذا نريد .. ؟؟ 

ربما يجب أن نعترف بأزمة التواصل التي تخنق العلاقات الإنسانية سواء بين الرجل والمرأة أو بين كافة أفراد الأسرة، ما يستدعي الضرورة لوجود مؤسسات الخدمات العلاجية والزوجية التي يفتقدها تماماً واقعنا المحلي وكأننا جميعاً بخير ..

بواسطة
زينة حسين
المصدر
زهرة سورية / طرطوس

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. كل سيئ في الحياة تندرج تحته السلبية والايجابية وليس هناك امر في الحياة يخلو من هذين الشيئين مهما كان الامر جميل او قبيح
    فالطلاق العاطفي لا انكر هو كارثة يعيشها الكثيرين من المتزوجين وحت الذين هم في مرحلة الخطوبة ولكن يبقى هناك امل في حياتهم هو التغير المفاجأالذي ربما لا يدري اي احد من اين ياتي وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في الاشخاص الذين يقفون بين هؤلاء الاشخاص والذين يقفون بجانبهم ولكنهم يبقون هم المظلموين والظالمين وياما بالطلاق مظاليم شكرا زميلة زينه ع المواد الحلو والمميزة بتمنالك الخير الك ولكل افراد العائلة في زهرة سوريا

زر الذهاب إلى الأعلى