مقالات وآراء

بلاك ووتر إذ تكشف عن فساد مسؤولي العراق .. بقلم هشام منور

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في العراق، واحتدام موسم التحالفات والانشقاقات بين الساسة والمسؤولين في العراق، ومع تمرير عقود النفط في كركوك وتسرب الشائعات عن وجود صفقات وعمولات تحت الطاولة ..
 
جاء إعلان شركة بلاك ووتر ليكشف عن وجه جديد من وجوه الفساد الذي بات مستشرياً في مفاصل القطاع الحكومي العراقي، الأمر الذي يبرر معه حتمية القيام بحملة شاملة لمكافحتها في مختلف القطاعات ..

فقد أقر مدراء بشركة "بلاك ووتر" الأمنية العاملة في العراق بدفع ما يزيد على مليون دولار لمسؤولين عراقيين للسكوت عن الجرائم الدموية التي تورطت فيها الشركة بحق مدنيين عراقيين، وعدم تعليق ترخيص عملها هناك بسبب هذه الجرائم. وأقر أربعة مدراء سابقين أن "الشركة وافقت على دفع الأموال في ديسمبر عام 2007"، مشيرين إلى أنهم لا يستبعدون وصولها بالفعل إلى مسؤولين في وزارة الداخلية العراقية حيث يتم الاتفاق على الشركات الأمنية التي يتم التعاقد معها ومنحها التراخيص، بحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ..

وسبق لشركة "بلاك ووتر" أن تورطت بعد حصولها على ترخيص العمل ببغداد عام 2004 في أكثر من جريمة، تعالت إثرها الانتقادات والمطالب بسحب الترخيص الممنوح للشركة، وطردها خارج العراق المحتل منذ عام 2003، وإحالتها للتحقيق. ومن أبرز تلك الجرائم ما وقع في سبتمبر عام 2007، حينما فتح رجال أمن من "بلاك ووتر" النار على مدنيين عراقيين في ساحة النسور ببغداد، وقتلوا 14 شخصًا على الأقل؛ الأمر الذي فجر انتقادات شديدة ضد الشركة ..

وأكد المدراء الأربعة أن الأموال أُرسلت من الأردن؛ حيث كانت تتم إدارة العملية الأمنية العراقية من العاصمة عمان، إلى مقر الشركة الأمريكية في بغداد، مؤكدين أنهم تركوا العمل بالشركة لانزعاجهم البالغ من تصرفات "بلاك ووتر، والتي وصفوها بأنها "مثار شكوك وجدل". وأنها وقعت تحت قيادة جاري جاكسون، مدير الشركة آنذاك، والذي أقر الأمر رغم معارضة قيادات أخرى داخل الشركة. وتشير الأنباء إلى حدوث انقسامات شديدة داخل الشركة التي تحمل الآن اسم "إكس آي للخدمات" بشأن ما كشفت عنه "نيويورك تايمز" من انتهاج عدد من قياداتها سياسة رشوة الحكومات لتحقيق أهداف تخدم الشركة، خاصة أن القانون الأمريكي يحظر ذلك. (جاري جاكسون)، مدير الشركة في الفترة التي يقال إن عملية الرشوة تمت خلالها، رفض الرد على الهاتف، مكتفيًا بإرسال رسالة إلكترونية إلى الصحيفة منتقدًا تقريرها، ومعربًا عن عدم اكتراثه لما كتبت بقوله: "اكتبوا ما تريدون فلا يعنيني في شيء"، دون نفي أو تأكيد لاتهام الرشوة. 

في الوقت ذاته، أعلنت هيئة المحلفين الكبرى في كارولينا الشمالية عن فتح باب التحقيق في الادعاءات، مشيرة إلى أنه في حالة ثبوت صحتها فإن مسؤولين سابقين وحاليين في الشركة سيتم إحالتهم للتحقيق بتهمة انتهاك قانون ممارسات الفساد على الصعيد الخارجي، والذي يحظر تقديم رشوة لمسؤولين أجانب. 

وحتى تبعد الحكومة الأمريكية نفسها عن ورطة الشركة الأمنية، فقد سارعت الحكومة الأمريكية إلى قطع علاقاتها مع الشركة الأمنية المثيرة للجدل بعد عملية بغداد 2007، وغيرت الشركة -التي توجد في كارولينا الشمالية جنوب شرق الولايات المتحدة- اسمها واتخذت اسمًا جديدًا بعد أن رفضت الحكومة العراقية تجديد العقد معها عقب مجزرة بغداد. 

فهل تكون فضيحة شركة بلاك ووتر أو إكس آي للخدمات، بمثابة كرة الثلج التي تتدحرج نزولاً وتكشف عن مسلسل التجاوزات والانتهاكات والفساد الذي ينخر هياكل الدولة في العراق، للابتعاد عن ممارسات من حولوا العراق إلى مزرعة خاصة لإدارة مصالحهم وتكديس ثرواتهم الشخصية؟!.

بواسطة
هشام منور / كاتب وباحث
المصدر
زهرة سورية / دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى