اقتصاديات

ازمة دبي المالية: تراجعات حادة في سوقي الامارات الماليين وسط مخاوف للمستثمرين

أُغلق مؤشر سوق دبي المالية على تراجع بنسبة سبعة فاصل ثلاثة بالمئة بينما سجل مؤشر ابوظبي تراجعاً بنسبة ثمانية فاصل ثلاثة بالمئة وذلك وسط غياب شبه تام لطلب الشراء بفعل المخاوف التي لا تزال تهيمن على السوق.
واتت هذه الانخفاضات الحادة في اول جلسة تداول منذ اعلان حكومة امارة دبي الاربعاء طلبها تجميد استحقاقات ديون مجموعة دبي العالمية الامر الذي تسبب بصدمة في الاسواق العالمية الخميس والجمعة الماضيين .

مسؤول رفيع بحكومة دبي قال إن الحكومة لن تضمن ديون شركة دبي العالمية وإن الدائنين سيتأثرون على المدى القصير جراء إعادة هيكلة المجموعة.
وأضاف مدير عام الدائرة المالية بحكومة دبي عبد الرحمن الصالح إن رد فعل السوق لإعلان دبي العالمية الأسبوع الماضي كان مبالغا فيه ، مؤكدا ان دبي العالمية ليست جزءا من الحكومة .
الخبير المالي همام الشماع من شركة الفجر للاوراق المالية قال لوكالة الصحافة الفرنسية: "هذا كان متوقعاً لان الاسواق اصيبت بهلع نتيجة للحملة الاعلامية المهولة التي شنها الاعلام في الغرب" على دبي. واضاف "نتوقع ان يخرج جزء كبير من محافظ المستثمرين الاجانب وخروجهم يثير هلع المستثمرين المحليين ".

ولم تخرج أولى تداولات السوق الخليجية بعد عطلة الأعياد عن إطار المتوقع، تراجعاتٌ بالجملة سجلتها على الأخص أسواق دبي وأبو ظبي المالية في أول جلسة تداول بعد طلب حكومة دبي تجميدَ استثمارات ديون دبي العالمية.
فإعلان المصرف المركزي الاماراتي عن وضع سيولة إضافية في تصرف المصارف المحلية والأجنبية العالملة في البلاد، لم يبث ما يكفي من أصداء لطمأنة المستثمرين الذين احتجبوا عن شراء الأسهم ما أدى لانخفاض أسعارها.
كما واعلنت شركة نخيل التابعة لمجموعة دبي العالمية انها طلبت من بورصة ناسداك دبي الاثنين تعليق التداولات بصكوكها الاسلامية .
وقالت نخيل في بيان نشر على موقع بورصة ناسداك دبي ان "نخيل طلبت اليوم تعليق التداول في صكوكها الثلاثة المدرجة بانتظار ان تتمكن من اعلام السوق بشكل كامل ".
أما الأسهم الآسيوية فقد استعادت بعضاً من عافيتها اثر السقوط المدوي الأسبوع الماضي، وذلك – بحسب الخبراء – يعود للمساعدة الطارئة التي استبقت افتتاحَ الأسواق بداية الأسبوع والتي تمكنت، على عكس ما حصل في الاسواق العربية، من الإيحاء بأن يد المساعدة لابو ظبي ستواكب أزمة دبي.
ويقول فرانسيس لون مدير عام احدى الشركات في دبي: "الأمر الأهم هو ان الامارات العربية المتحدة أعلنت انها ستدعم المصارف وأنا اعتقد أن هذا انعكس ارتياحاً في صفوف المستثمرين الذين اطمأنوا الى انه لن يكون هناك افلاس كما حصل مع مصرف ليمان براثرز الاميركي. اعتقد ان الامارات العربية المتحدة لن تترك شركة دبي العالمية تنزلق نحو الهاوية".
ومع استمرار القلق بفعل التكهنات التي تطلق حول احتمال اضطرار دبي لبيع أو تصفية بعض الاستثمارات من الأصول التابعة لها حول العالم، فإن عدداً كبيراً من المتعاملين رجح أن تبقى التداولات في الإمارات تحت وطأة الضغوط حتى ينجلي الموقف بشأن الأزمة الأسبوع المقبل. وهي فرصة بحسب هؤلاء لتلتقط الأسواقُ أنفاسَها، خصوصاً وأن الأسواق المالية ستعود إلى الاغلاق مجدداً ولمدة خمسة أيام احتفالاً بالعيد الوطني للبلاد.
اسباب الازمة: تأجيل الحكومة دفع المستحقات
وكانت الازمة قد بدأت الاربعاء الماضي، عندما أكدت حكومة دبي أنها ستؤجل دفع مبالغ مستحقة على شركة (دبي وورلد)، مما أثار غضب المستثمرين وأدى لتراجع الأسهم العالمية .
ويبدو ان دبي تدفع ثمن الفورة العقارية الحادة التي غذتها الاستدانة والمضاربة. وقد كانت تباع العقارات على الخارطة داخل مراكز التسوق وعبر الوسطاء العقاريين الذين كانوا يؤكدون للشارين انهم سيتمكنون من الحصول على ارباح تصل الى 40% في غضون سنة". واقدم الاجانب الذي يشكلون غالبية سكان دبي. على شراء العقارات بكثافة في الامارة مستفيدين من قانون صدر في 2006 وسمح بتملك الاجانب في بعض المناطق. فيما كانت غالبية الصفقات تتم قبل ان تبدأ اعمال الحفر في ارض المبنى المزمع انشاؤه.
فحلم الجميع في دبي كان شراء شقة في منطقة المارينا التي تعج بالابراج او على جزيرة النخلة الاصطناعية. وذلك ليس للسكن في العقار بالضرورة. بل لبيعه بعد اشهر او ايام او حتى ساعات مع تحقيق ربح.
وغذت هذه الظاهرة التي تحولت الى فقاعة انفجرت مع اندلاع الازمة المالية العالمية الاستدانة المكثفة من قبل المستثمرين والمقاولين على حد سواء مع العلم ان اكبر شركات البناء في دبي تملكها حكومة الامارة كليا ام جزئيا.
ولكن المشاريع على الخارطة تحولت الى حقيقة في كثير من الحالات مع الانتهاء من بناء اعلى برج في العالم واكبر جزيرة اصطناعية في العالم هي جزيرة نخلة الجميرا لشركة نخيل العقارية.
وبعد ان انخفضت الاسعار بنسبة تصل الى 50% بدا وضع السوق العقاري وكانه يتجه نحو الاستقرار والتحسن الا ان الصدمة الجديدة التي تسبب بها اعلان دبي المفاجئ عاد ليقض مضجع القطاع العقاري مع مخاوف من مزيد من التدهور.

كما تزامن تسليم عدد كبير من الوحدات مع الازمة الاقتصادية وانحسار الطلب مما فاقم ازمة العقارات في دبي.
وشكك نيكولاس ماكلين مدير شركة "سي بي ريتشارد اليس ميدل ايست" العقارية بصوابية "الطريقة التي مولت من خلالها المشاريع العقارية" لاسيما عبر بيع الوحدات قبل انشائها.
وقال ان "الناس كانت تقترض المال لدفع 10% من ثمن الوحدة ظنا منها انها يمكن ان تبيع الوحدة نفسها وتحقق الربح قبل ان تستحق الدفعة الثانية".
واضاف انه مع حلول الازمة المالية العالمية في خريف 2008. "توقف عدد كبير من المنفذين عن سداد استحقاقاتهم لان زبائنهم توقفوا عن تسديد الدفعات العقارية".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى