الزاوية الإجتماعية

WHO: المجتمعات مقصرة تجاه صحة المرأة

خلص تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية إلى أنه رغم إحراز تقدم كبير في العقود الماضية، لا تزال المجتمعات مقصّرة في حق المرأة في المراحل الأساسية من حياتها، ولاسيما في مرحلتي المراهقة والكبر.

وجاء في التقرير المُعنون "المرأة والصحة: بيّنات اليوم وبرنامج الغد" الذي نشر الاثنين ، أن معظم الوفيات المُسجلة بين النساء من الفئة العمرية 15-45 سنة، في جميع أنحاء العالم، لا تزال تحدث نتيجة فيروس الأيدز والأمراض المرتبطة بالحمل والسل. بيد أن الأمراض غير السارية تصبح أهم أسباب الوفاة والعجز مع تقدم النساء في السن، ولاسيما بعد سن الخامسة والأربعين.
وذكر التقرير، ونشر على الموقع الإلكتروني للمنظمة الدولية، أنه على مستوى العالم نجد أن السبب الرئيسي لوفاة الشابات في عمر الإنجاب هو مرض الأيدز والعدوى بفيروسه، علماً بأن النساء يتعرضن لهذا المرض بصفة خاصة بسبب توليفة العوامل البيولوجية والغبن الذي يتعرضن له، وخصوصاً في ظل الثقافات التي تحد من دراية المرأة بفيروس العوز المناعي البشري ومن قدرتها على وقاية نفسها وتوخي الأمان في ممارسة الجنس. 

وأهم عاملين من عوامل الخطورة المفضية إلى الموت والعجز في هذه الفئة العمرية في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل هما نقص وسائل منع الحمل، وممارسة الجنس غير المأمون. والنتيجة هي الحمل غير المرغوب فيه، والإجهاض غير المأمون، ومضاعفات الحمل والولادة، وانتقال الأمراض الجنسية المعدية بما فيها مرض الأيدز. 

ويعد العنف خطراً كبيراً على الصحة الجنسية والإنجابية للنساء، بل وقد يسفر أيضاً عن اعتلال الصحة النفسية وعن مشاكل صحية أخرى مزمنة .. وتأتي النوبات القلبية والسكتة الدماغية، التي غالباً ما يعتبرها الناس من المشاكل التي تصيب "الذكور" فقط، في مقدمة الأمراض التي تفتك بالنساء في جميع أنحاء العالم. 

غالباً ما تظهر لدى النساء أعراض تختلف عما يظهر لدى الرجال، ممّا يؤدي إلى سوء تشخيص أمراض القلب لديهن. كما أنّ تلك الأمراض تظهر لديهن في سنّ متقدمة مقارنة بالرجال .. ونظراً لنزوع النساء إلى العيش أكثر من الرجال بنحو ستة إلى ثمانية أعوام في المتوسط، فإنهنّ يمثلن نسبة متنامية من مجموع المسنين. ولا بد للمجتمعات من الاستعداد الآن لمواجهة المشكلات الصحية والتكاليف المرتبطة بالتقدم في السن واستباق التغيرات الاجتماعية الكبرى التي ستطرأ على تنظيم العمل والأسرة والدعم الاجتماعي. 

ودعت الدكتورة مارغريت تشان المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، لدى إصدار التقرير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة على مستوى القطاع الصحي وفي قطاعات أخرى من أجل تحسين صحة الفتيات والنساء وتحسين حياتهن في جميع أنحاء العالم، من الميلاد إلى الشيخوخة. 

ويذكر التقرير أن نقص فرص حصول المرأة على التعليم وتدني مركزها في سلم اتخاذ القرارات ومستوى دخلها قد يسهم في الحد من قدرتها على حماية صحتها وصحة أسرتها. وعلى الرغم من الاختلافات الكبيرة القائمة بين الأقاليم والبلدان والطبقات الاجتماعية الاقتصادية فيما يخص صحة المرأة، فإن النساء والفتيات يواجهن مشكلات مماثلة، ولاسيما التمييز والعنف والفقر، ممّا يزيد من مخاطر تعرضهن للأمراض. 

ومن الأمثلة على ذلك تفاقم مخاطر الأيدز والعدوى بفيروسه، التي تفرضها الاختلافات البيولوجية أصلاً، في الثقافات التي تحدّ من حصول المرأة على المعارف اللازمة بشأن فيروس الأيدز ومن قدرتها على التفاوض من أجل تعزيز مأمونية العلاقات الجنسية. 

وأضافت الدكتورة تشان قائلة "لن نتمكن من رؤية أيّ تقدم كبير طالما يُنظر إلى النساء، في كثير من مناطق العالم، كمواطنين من الدرجة الثانية. والمُلاحظ أنّ الرجال هم الذين يمارسون السيطرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في عدد كبير من المجتمعات. وعليه لا بد للقطاع الصحي من إبداء قلقه حيال ذلك. وتتجلى علاقات القوى غير المتكافئة هذه في عدم تكافؤ فرص الحصول على خدمات الرعاية الصحية وإمكانيات التحكّم في الموارد الصحية." 

وعندما يتعلق الأمر بتلبية احتياجات المرأة من الرعاية الصحية، فإن احتمال وجود بعض الخدمات، مثل تلك التي تُقدم أثناء الحمل، يفوق احتمال وجود خدمات أخرى، مثل تلك المرتبطة بالصحة النفسية والعنف الجنسي وتحرّي سرطان عنق الرحم وعلاجه.

بيد أن خدمات الصحة الجنسية والإنجابية تنزع، في كثير من البلدان، إلى التركيز على المتزوجات فقط وتتجاهل العازبات والمراهقات. كما لا يُقدم إلى الفئات المُهمّشة الأخرى من النساء، مثل العاملات في تجارة الجنس ومن يتعاطين المخدرات عن طريق الحقن ومن ينتمين إلى الأقليات العرقية والنساء الريفيات، إلا القليل من الخدمات الصحية.
أشار التقرير إلى ضرورة حرص الاستراتيجيات الرامية إلى تحسين صحة المرأة على مراعاة الفروق القائمة بين الجنسين مراعاة تامة وتذليل العقبات الاجتماعية الاقتصادية والثقافية المحدّدة التي تحول دون تمكّن النساء من حماية صحتهن وتحسينها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى