مقالات وآراء

كتب «محمد خاسكي» لشهبانيوز : حجر مُتعَثِر!!!

كُنتُ أمُّر من بين أزقتها بسلام .. كان نور شوارعها يضرب في عيني الرامدتين معلناً عناداً منه وحرباً ضدي ….
مذ رأيت على أطراف أحد البيوت حجرةً صغيرة .. دخل الجفا قلبي .. استركعت في رهاب طفل يخشى غضب والده لأجل خطيئته .. حملتها ورميت فانوس الشارع .. لقد فقأته من أصله .. عاودت حمل أداة الجريمة وتابعت السير حتى أتيت على مصابيح الزقاق كلها …..
لم أكن لأراها خلفي تتمايل في تعجبٍ وشرودٍ في حماقةِ من تراه ، لقد أكلتها العُجبة .. واستلفحت أطرافها الكُلفة .. وحملها على تبعيتي فضولٌ اجتاحها … كانت فتاة في الرابع والعشرين من عمرها .. ذكيةً لحد البلاهة .. وصبورة على المعرفة لحد الفصاحة ….
تلفحها الغيرة من كل حرف .. ويجتاحها الفضول من كُل حركة .. شعرها المنسدل أحد أهم فصول طبائع الاستبداد .. وعيناها أصلُ الصمود والنخوة والشجاعة في معركة الحياة .. ثغرها إن تبسم اضحك الدنيا .. وإن أجهش معلناً حزناً بكت له السماء ..
تحدثها الطيور للطيبة .. ويسجد لها عظماء الأرض للقوة .. إن تحدثت ففصاحة المتنبي … وإن سكنت فرزانة ابن النعمان …. جلست على طرف الحي مغمضاً عيناي تاركاً خلف انسدال أجفاني زفرةً كالصاروخ كدليل قوة الانتصار  ..
لقد انتصرت على الضوء الشديد الذي يؤرقني .. ثوانٍ قليلة بعد إغلاقهما .. لقد رأيت ساقين بجانب ساقي الممدودتين على بلاط الطريق …. العجب من هدية الله لي .. فسبحان من يُنيل الآجر عاجلاً أو آجلاً .. هل رزقني فأصبحت إخطبوط ..
قبل أن أدخل السحر من عينيها وفتنتهما نطقت : لما كنت .. ثم أمسكت يدي قبل أن أهم بالهروب خيفة الجنية التي ظهرت فجأة ودون أن أشعر بجانبي .. لما كنت ترمي المصابيح وتدمر أملاك الدولة ؟ ….
ولما كنت تفقأها واحدةً نعم وواحدةً لااا ؟
الساحة القدسية عظيمة .. والحب لا يأتي من أول نظرة كما يُخيل .. أما أنا .. فقد أُعجبت بكفيها ..
سبحان الله .. طريتان كعجينة البسكوت .. وناعمتان بعكس حظي العاثر .. ولونهما أبيض كقلبي …
أما أصابعها .. فلا يسعني وصفها سوا بإعجاز الخالق في رسمها ..
خاطبتها .. كنت أرتجف .. من الخوف ربما أو الخجل ..
أكره الضوء الساطع .. والمصابيح متقاربة وقليلة البعد عن مستوى الطريق ..
إذا قمت بتقليل الإنارة بإعطابك مصباحاً دون مصباح ..
بلا .. هذا ما أردت .. لما استخدمت حجراً واحدة فقط ..
كنت أريد أن أجعلها أكثر بركةً وانجاز ..
وماذا لو قمت بشكواك للشرطة .. هل تعرفيني ؟ .. هل سبق والتقينا ..
كلا : لكن عندما سقطت في أول الزقاق .. سقطت منك هويتك ..
هويتي الشخصية كانت في محفظتي التي أودعتها جيبي ..
عاجلت يدي إلى جيبي متفحصاً .. ما تزال محفظتي موجودة .. أنا متأكد أن هويتي ما تزال داخلها ..
لم استطع إخراج المحفظة وتفحص الهوية .. وأي موقف عدم ثقة بنفسي أضَعُني فيه …
أية هوية تقصدين ..!! .. هويتك .. وكم هوية يمتلك الفرد .. ..
بدت عليها ملامح الجدية في الحديث ، واضعة رجلاً فوق أخرى .. في موقفٍ لزيادة التوتر ..
 تمتلك هويتي .. والشرطة .. أنا في حي شعبي .. إن عاندتها ستصرخ .. الناس ستجتمع .. ماذا فعلت .. لما لم أقم بتغيير الطريق ..
حسناً وماذا علي أن افعل .. ؟؟
عليك أن تحمل حقائبي معي إلى طرف الحي المقابل ..
قبلت طلبها على مضض في حكمةٍ مني .. عندما نهضنا استرقت منها يدي إلى جيبي .. هويتي ما تزال معي ..
إنها تكذب إذاً ..
كانت تسير أمامي بثقةٍ كبيرة لما تفعل ..
لم تكن مروءة مني أن أخبرها بكذبها إذا أنها طلبت المساعدة ..
عندما انتهينا من حمل الحقائب ونقلها .. طبعاً كنتُ أتبعها وقد أثرتُ الكلام وأثرت هي سحري بابتسامتها لأمرين ..
الأول أنها أجمل ما رأيت .. والثاني الثقة العميقة ..
كنتُ أعلم أنها تريد النظر إليّ عندما أصل إلى كُل مصباح ولكنها لا تريد أن يقتل فضولها دهاءها ..
في المرة الثانية من نقل الحقائب .. حملت حقيبتين واتجهت إلى السيارة التي علمت مكان ركونها ..
أظنها كانت تتعمد المسير خلفي على رغم خفة حمولتها ..
فقد حملت حقيبةً واحدةً صغيرة .. كانت تتعمد دراسة تفاصيل عملي .. كانت تقرأ صفات هويتي ..

للمزيد من مقتطفات أفكاري تفضلوا بزيادة قناتي على التلغرام : انقر هنا

بواسطة
محمد خاسكي
المصدر
شهبانيوز

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. لكل مبدع انجاز ، ولكل شكر قصيدة ، ولكل مقام مقال ، ولكل نجاح شكر وتقدير فجزيل الشكر نهديك ورب العرش يحميك . شكرا لك من الاعماق صديقي على هذا المقال الرائع نتمنى ان نرى المزيد

زر الذهاب إلى الأعلى