سابقة قضائية صارت مثار أحاديث الشارع الحلبي واستنكاره تحالف فيها الفساد لتأديب الصحافة الوطنية وردعها عن الاقتراب بأي شكل من الأشكال من منابع الفساد ، وفي ظل قانون
الإعلام الجديد يكون الضحية الصحفي المعروف عبدالرحمن حمادي والذي يعتبر شيخ الصحفيين في حلب ، وإننا إذ نعرض للواقعة فلنضعها برسم مجلس القضاء الأعلى والمجلس الأعلى للإعلام والسيد وزير العدل والسيد وزير الإعلام وكل الجهات المعنية بحرية الكلمة وديموقراطيتها وتحصينها من حقد ومكائد ونفوذ الفاسدين.
تتلخص الواقعة في أن جريدة الجماهير الحلبية الرسمية نشرت في زاويتها اليومية( حلب اليوم) إشارة إلى محل سيديات في شارع رئيسي يعرض من واجهته على الشارع أفلاما غير لائقة مما يؤدي إلى تجمهر المراهقين وعرقلة المرور، وهذه الزاوية يحررها صحفيو الجريدة بموجب الشكاوى الواردة من المواطنين ، وقد تم إغلاق المحل لاحقا من قبل شرطة حلب " لعدم وجود ترخيص" حسب ضبط الشرطة ، وهو ما جعل صاحب المحل يهدد بتأديب الصحافة والجوار المشتكين عليه ونفّذ تهديده بإقامة دعوى قضائية جزائية ضد الصحفي عبدالرحمن حمادي كونه الأشهر في الإعلام وضد رئاسة تحرير الجريدة ، وقد انتهت المحاكمات الجزائية في حلب إلى إعلان عدم مسؤولية الصحفي عبدالرحمن حمادي كون اسمه لم يرد على الزاوية كما أن إغلاق المحل تم لعدم وجود ترخيص لابسبب ما نشرته جريدة الجماهير.
التواطؤ علنا
عن طريق محاميه طعن المدعي أمام محكمة النقض في دمشق وحضر الزميل حمادي لمحكمة الجزاء بموجب تبليغ قضائي وبحضور محامين متطوعين معه تم عرض الاضبارة على أساس أنها استئناف جزائي فكرر أقواله بعدم مسؤوليته ، ولكن في اليوم التالي تبيّن أن كاتب المحكمة وبالتواطؤ مع محامي المدعي قام بإخفاء الطعن ثم إعادته بعد انصراف المدعى عليه وليتم الحكم ضمن المحكمة على الزميل حمادي بمبلغ 75 ألف ليرة تعويضا للمدعي !!
هذا الحكم أثار استغراب المحامين المتطوعين مع الصحفي ، إذ بأي حق يتم الحكم بتعويض بموجب تهمة لااساس لها من الصحة ، واكتفى القاضي الذي حكم عندما اعترض الصحفي بالقول: يحق لك الطعن بالحكم .
الطعن عبثا
فور صدور الحكم في حلب بدأ محامي المدعي بمساومة الصحفي على " لفلفة" الدعوى لقاء مبلغ مالي يحدده هو ، مضافا إليه مجموع المبالغ التي دفعها كمصاريف مستورة " رشاوى يعني"،وهو ما رفضه الصحفي وقدم طعنا مطولا لمحكمة النقض في دمشق مع كافة الثبوتيات التي تبيّن أن الدعوى كيدية ولاصحة لها وانه لاعلاقة له بماورد في الادعاء ، بينما كان محامي المدعي يتحدث باطمئنان أن الطعن سيتم ردّه وهو ماحصل فعلا إذ تم ردّ الطعن أمام محكمة النقض الغرفة الأولى بما يعني اكتساب الحكم الدرجة القطعية وإلزام الصحفي عبدالرحمن حمادي بدفع المبلغ أو سجنه لمدة ثلاثة أشهر!!
وانتصر الفساد
وهكذا انتصر تحالف الفساد : ناشر أفلام داعرة على شارع عام ومحام يعرف كيف يلتف على أسس المهنة وكاتب محكمة باع ضميره للمحامي ..وليخرج المدعي منتصرا متباهيا بأنه استطاع تأديب الصحافة كي لاتقترب منه بعد الآن ، ومعتبرا ذلك تهديدا للجوار الذين ضجوا من عروضه، وبين هذا وذاك صارت الواقعة الآن كما قلنا حديثا يوميا في الشارع الحلبي ككل بما فيهم الإعلاميين الذين يتساءلون إن كانت هذه الواقعة هي تحذير لهم أيضا
يقول الصحفي عبدالرحمن حمادي في لقاء أجريناه معه :
– الشيء المحير هو كيف ردّت محكمة النقض الطعن ، وهل قرأ أصلا قاضي الغرفة الأولى الطعن المطوّل الذي كتبته ؟وهل تفحّص الدعوى أساس 1207 ليجد أن لا اسم لي في أساس الادعاء وان هناك قانون للمطبوعات يجب أن أحاكم بموجبه أصلا إن كان ثمة خطأ مهني قد ارتكبته ؟ والأغرب أن أسرع قضية طعن يتم البت بها هي هذه القضية وحيث برز حرص الجميع على إرضاء الفاسد الذي اقسم أن يؤدب الصحافة و..للأسف أدبها
لقد تعرضت خلال ثلاثين عاما من العمل الصحفي ومكافحة الفساد إلى مضايقات كثيرة من الفاسدين وأقيمت علي دعاوى قضائية عديدة كان القضاء فيها منصفا لي ، ولكن في هذه القضية التي لاناقة لي ولا جمل استغرب جدا موقف القضاء خاصة أن هذا الموقف ظهر بعد صدور قانون الإعلام الجديد!!والقضية كلها جرت أمام المحاكم بتجاهل قانون المطبوعات ، وقياسا لهذه الواقعة المؤسفة صار بإمكان أي شخص أن يقيم دعوى قضائية على ايّ صحفي لمجرّد انه صحفي ويجرّمه ويغرّمه ويسجنه ودون أن يعرف الصحفي لماذا ؟
وحول النهاية التي ستنتهي إليها هذه الواقعة أوضح:
– انتظر الآن إبلاغي بالحكم ، وبانتظار ذلك أعلن بان هذه الواقعة تحولت إلى قضية رأي عام ،فعشرات الاتصالات تأتيني يوميا من القراء ومن أناس لااعرفهم يتساءلون عن صحة ما سمعوه ويتم تداوله لأن المدعي ومحاميه بعد أن كلفتهم هذه الدعوى الكثير من المال( كما يشيعون بتباهي) ينشرون انتصارهم ، وقد قمت برفع الواقعة مع ثبوتياتها للسيد رئيس الجمهورية رئيس مجلس القضاء الأعلى والسيد رئيس المجلس الأعلى للإعلام والسيد رئيس اتحاد الصحفيين والسيد مدير عام مؤسسة الوحدة ورئيس اتحاد الصحفيين على الأقل ليعرف الجميع كيف انتصر الفساد ونجح في هزّ وتأديب الصحافة الوطنية …وعندما أقاد للسجن لعدم مقدرتي على دفع مبلغ تم تغريمي به ارضاء للفساد يمكن وقتها القول أن الفساد قد انتصر
ولنا كلمة
هذه الواقعة التي ذهب ضحيتها زميلنا وشيخنا عبدالرحمن حمادي نؤكد أنها تحولت الآن إلى قضية رأي عام في حلب ، وبدورنا نضعها أمام الجهات المعنية حفاظا على إعلامنا الوطني وسمعة قضائنا ..ولنا ككل الإعلاميين متابعة لهذه القضية… بل متابعة مستمرة .